انتقد أعضاء البرلمان الأوروبي من جميع الكتل تركيا لاحتلالها المستمر للثلث الشمالي من قبرص، وانتهاكها للحريات وسيادة القانون، وشككوا في عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.
ناقش البرلمان الأوروبي في جلسته العامة المنعقدة في ستراسبورغ، تقرير التقدّم بشأن عملية انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي لعامي 2023 و2024، الذي أعدّه النائب الإسباني من الحزب الاشتراكي، ناتشو سانشيز آمور كمقرر. ويأتي ذلك تمهيداً لاعتماد القرار اليوم الأربعاء، والذي يسلّط الضوء على أن الفجوة بين تركيا والقيم الأوروبية لا تزال قائمة، حيث لا تزال القوانين والإجراءات التي تُقيد سيادة القانون والحقوق الأساسية سارية المفعول.
يشير التقرير أيضاً بشكل موسّع إلى قبرص، ويؤكّد بشدة موقف البرلمان الأوروبي بأن الحل الوحيد للمشكلة القبرصية هو تسوية عادلة وشاملة وقابلة للتطبيق وديمقراطية، بما في ذلك الجوانب الخارجية، ضمن الإطار المتفق عليه للأمم المتحدة، وهو على أساس اتحاد فدرالي من منطقتين وطائفتين، وذو شخصية قانونية دولية واحدة وسيادة واحدة وجنسية واحدة، ومساواة سياسية.
أكد المقرر للبرلمان أنه لا توجد طرق مختصرة لعضوية الاتحاد الأوروبي. وأشار إلى أن "عضوية الاتحاد تعني ديمقراطية وقيماً ناضجة، في حين أن الشراكة تعني أموراً أخرى كثيرة. التكامل عملية مقبولة غير قابلة للتفاوض - والتعاون قابل للتفاوض ويعتمد على الثقة المتبادلة والمصالح المشتركة. ولهذا السبب، فإن طريق الانضمام مجمد، وأنه مجمد تماماً".
قال المقرر إنه منذ عام 2013، ليس لدينا أخبار سارة بشأن الحريات وسيادة القانون في تركيا، مشيراً إلى أن القمع قد وصل إلى كل ركن من أركان المجتمع - من الطلاب والصحفيين والنشطاء وأعضاء المعارضة إلى قادة أهم اتحاد اقتصادي في البلاد والصحفيين، مثل قضية الصحفي السويدي يواكيم ميدين، واحتجاز عمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو، والتي ربما تكون أخطر قضية في السنوات الأخيرة وتُظهر بوضوح الطابع الاستبدادي الكامل للنظام، وهو ما لا يتوافق مع بلد عضو في الاتحاد الأوروبي.
وذكر ضعف التوافق بين تركيا والاتحاد الأوروبي في السياسة الخارجية والأمنية، حيث لا يتجاوز 5%. ورغم أهمية تركيا الأمنية وعضويتها في الناتو منذ 1952، فإن امتلاكها لصواريخ S-400 الروسية يثير القلق. وخلص إلى أنه على تركيا أن تراجع موقفها، لأن هذا التباعد قد لا يشكل أساساً متيناً لعلاقة سياسية مع الاتحاد الأوروبي.
قال أيضاً إن الافتقار إلى التأكيد القانوني في العمليات القضائية في تركيا يردع المستثمرين، وأن اضطهاد رجال الأعمال ربما لا يُجدي نفعاً على الإطلاق. وأعرب عن دعمه لاستمرار الحوار رفيع المستوى مع تركيا، لا سيما وأن تركيا تُغلق نفسها عن عملية الانضمام؛ لذلك، يجب فتح باب التعاون. وأكد أن "الحوار رفيع المستوى عنصر مهم، شريطة ألا يُخلط بأي حال من الأحوال بعملية الانضمام".
من جانبها، وصفت مارتا كوس بالنيابة عن المفوضية، إعادة تنشيط الحوار بين اليونان وتركيا، وكذلك التقدم المحرز في القضية القبرصية بأنه خطوة إيجابية. ومع ذلك، لا يزال التراجع المستمر في سيادة القانون يُشكل عقبة خطيرة أمام تعميق العلاقات، مشيرةً إلى أن سيادة القانون غير قابلة للتفاوض.
وأشارت إلى أن التقدم في القضية القبرصية لا يزال ضرورياً، وأن مفتاح دفع مفاوضات الانضمام إلى الأمام هو أن تُظهر تركيا استعدادها ويتطلب التعاون الجوهري والمعاملة بالمثل حتى تتمكن تركيا من المضي قدماً في طريقها نحو الانضمام.
بدورها، صرحت النائبة الأوروبية إيزابيل فيسيلر بالنيابة عن حزب الشعب الأوروبي، بأن حالة الديمقراطية في تركيا أكثر من مجرد مصدر قلق. وقالت إنه عندما يُنتهك استقلال القضاء ويُسجن أبرز شخصية معارضة ورئيس بلدية اسطنبول، فإننا نتساءل بحق عن المساحة المتاحة للديمقراطية.
وأضافت أن هذه القيود في المجال الديمقراطي تعارض تطلعات جزء كبير من الشعب التركي للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. ويظل هذا الالتزام مهماً بالنسبة لنا. وقالت إننا لا نتجاهل هذا الشغف بأوروبا، لكن التطورات الأخيرة تسير في الاتجاه المعاكس لما هو ضروري لاستئناف مفاوضات الانضمام. وأضافت أن الرسالة بسيطة: الباب لم يُغلق بعد، لكن استئناف عملية الانضمام يتطلب احترام المبادئ التي بُنيت عليها أوروبا الموحدة.
من جانبه، وصف النائب القبرصي جورج جورجيو تقرير البرلمان الأوروبي بشأن تركيا بأنه متوازن نسبياً، مثمناً إشاراته إلى حل القضية القبرصية على أساس اتحاد فيدرالي من منطقتين وطائفتين، ورفض الحل القائم على دولتين، ودعوته لإعادة فاروشا، وتوضيح مصير المفقودين، وفصل القبارصة الأتراك عن تأثير أنقرة.
كما رحّب بالانتقادات الموجهة لتركيا بشأن الديمقراطية وحقوق الإنسان، لكنه تساءل عن منطق اعتبار تركيا شريكاً استراتيجياً للاتحاد الأوروبي، وحذر من تقديم امتيازات لها دون التزامات، واتهم مؤسسات الاتحاد بالاستعداد لتقديم تنازلات كبيرة لأردوغان، وقال كيف يُمكن اعتبار تركيا شريكاً استراتيجياً للاتحاد الأوروبي. وتساءل: "هل ينبغي أن نفتح لها أبواباً لاتحاد جمركي مُحسّن وإعفاء من التأشيرات؟ هل ينبغي أن نُقدّم لها شراكة استراتيجية بدلاً من الانضمام، أي المزيد من الامتيازات دون التزامات".
وقال لوكاس فورلاس النائب القبرصي عن حزب الشعب الأوروبي، إن "الجمع بين كلمتي "تركيا" و"التقدم" في جملة واحدة أمر متناقض ومُستفز". وأشار إلى أن تركيا لا تتقدم نحو أوروبا، "بل تتخذ خطواتٍ عدائيةً ضد القيم الأوروبية وسيادة القانون وحقوق الإنسان"، وأنها "تتصرف كما يحلو لها، وتتمتع بامتيازاتٍ دون أي التزام".
وأشار إلى أن ديكتاتورية أردوغان تسجن الصحفيين والمعارضين السياسيين، وتُهدد دولتين عضوين في الاتحاد الأوروبي مباشرةً بالحرب، ونحن "نغمض أعيننا ونغمض آذاننا، لمجرد شراء سلامنا، من خلال اتفاقياتٍ أو مزايا اقتصادية أو مبيعات أسلحة. حتى أن البعض يُصرّ على منح تركيا دوراً قيادياً في هيكل الدفاع الأوروبي. هذه ليست أوروبا التي نؤمن بها، بل مجموعة مصالح".
وقال إن تركيا هذه لم يكن لها، وليس لها مكانٌ في الاتحاد الأوروبي، وإن تركيا أردوغان عدوٌّ لمبادئنا وقيمنا. ومع ذلك، نواصل الحديث عن "الحوار" و"التقدم" و"المصالح الجيوستراتيجية". لنكن صادقين... للأسف، يبيع البعض في أوروبا مبادئنا مقابل صفقات مع أنقرة. حان الوقت للتوقف عن التظاهر بأننا لا نرى ذلك. حتى قلة منا ستكون هنا لتذكيركم.
وصرح النائب القبرصي فيدياس بانايوتو بأن الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، قادرة على مساعدة قبرص المنقسمة، بينما تُضيع الكثير من الوقت في أوكرانيا التي هي ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي. كما طالب كالاس بإعطاء الأولوية لقبرص.
وصف النائب القبرصي في الاتحاد الأوروبي، كوستاس مافريدس، من التحالف التقدمي للاشتراكيين والديمقراطيين، التقرير بأنه "مدمر". وحث الاتحاد الأوروبي على فرض عقوبات على تركيا أو إنهاء عملية انضمامها. وقال إنهم بدلاً من ذلك يقترحون استراتيجية نفاق.
في ختام النقاش، قال المقرر أمور إن السؤال المحوري هو لماذا لم تُغلق عملية انضمام تركيا بعد. وأشار إلى أن تركيا ليست أردوغان، وأردوغان ليس تركيا. وقال إن المجتمع المدني "يتوسّل إلينا ألا نتخلى عنه". وأضاف أن تركيا لم تغتنم فرصة التقدم، ولكن يجب ألا نخلط بينها وبين نظامها الحاكم.
واق EC/MK/MMI/2025
نهاية الخبر، وكالة الأنباء القبرصية